وصية الشهيد الأول قدّس الله روحه الطاهرة.
وجدت بخط ولد الشهيد رحمهما الله تعالى ، وهو يذكر أنّه وجدته في بعض الأوراق من كتب والدي نضّر الله وجهه .
« هذه وصية العبد الضعيف كاتب هذه الاحرف محمد بن مكي - تاب الله عليه توبه نصوحا وكان من هفواته وزلاته صفوحا - الى اخوانه في الله واحبائه لله ، ويبدأ بهم وهي مشتمله على أمور :
أولها : تقوى الله تعالى فيما يأتون ويذرون ، ومراقبته ومخافته ، والحياء منه في الخلوات .
وثانيها : ذكره بالقلب على كل حال ، وباللسان في معظم الاحوال .
وثالثها : التوكل عليه وتفويض الامور اليه ، والالتجاء عند كل مهم اليه .
ورابعها : التمسك بشرائع الدين ، فلا يخرج عنها شعره لئلآ تحصل الضلاله .
وخامسها : المباشره على الفرائض من الافعال والتروك ، بحسب ما جاءت به الشريعه .
وسادسها : الاستكثار من النوافل بحسب الجهد والطاقه والفراغ والصحه ، وخصوصآ الصلوات المندوبه فانها خير موضوع ، وما يقرب العبد الى الله تعالى بعد المعرفه بافضل منها وخصوصآ الليليه منها .
وسابعها : كف اللسان عن الهذر والغيبه والنميمه واللغو ، وكف السمع عن اللغو وعن سماع كل ما لا فائده فيه دينيه ودنيويه ، وكفّ الاعضاء عن جميع ما يكرهه الله تعالى .
وثامنها : الزّهد بالدنيا بالمرّه ، والاقتصار في البلغه منها والقوت من حلّه ، ومهما امكن الاستغناء عن الناس قليفعل ، فأن الحاجه اليهم الذلّ الحاضر .
وتاسعها : دوام ذكر الموت والاستعداد لنزوله ، وليكن في كل يومٍ عشرين مرّه حتى يصير نصب العين .
وعاشرها : محاسبة النفس عند الصباح والمساء على ما سلف منها ، فان كان خيرآ استكثر منه ، وان كان شراً رجع .
وحادي عشرها : دوام الاستغفار بالقلب واللسان وصورته " اللهم اغفر لي ، فاني أستغفرك وأتوب إليك " . ومن وصية لقمان لابنه أن يكثر من " اللهم اغفر لي " فأن لله أوقاتا لا يردّ فيها سائلاً .
وثاني عشرها : الامر بالمعروف والنهي عن المنكر مهما استطاع على ما هو مرتّب شرعاً.
وثالث عشرها : مساعدة الاخوان والتعرض لحوائجهم بحسب الحاجه والمسكنه ، وخصوصآ الذريّه العلويه والسلاله الفاطميه .
ورابع عشرها : التعظيم لأمر الله تعالى ، والتعظيم لعلماء الدين وأهل التقوى من المؤمنين .
وخامس عشرها : الرضى بالواقع ، وأن لا يتمنى ما لا يدرى اهو خير او لا ، ودوام الشكر على كل حال .
وسادس عشرها : الصبر في المواطن فأنه رأس الايمان .
وسابع عشرها : دوام الدعاء بتعجيل الفرجُ فانه من مهمات الدين .
وثامن عشرها : دوام دراسة العلم مطالعةً وقراءةً وتدريسا وتعليما وتعلما ولا تأخذه فيه لومة لائم .
وتاسع عشرها : الاخلاص في الاعمال فانه لا يقبل الاركان الا خالصا صافيا، والرياء في العباده شرك - نعوذ بالله منه - .
وعشروها : صلة الارحام ولو بالسلام ان لم يمكن غيره .
وحادي عشروها : زيارة الاخوان في الله تعالى ومذاكرتهم في امور الآخره .
وثاني عشروها : أن لا يكثروا في الرخص والاخذ بها والتوسعه ، ولا يكثروا التشديد على انفسهم في التكلف بل يكون بين ذلك قواما . وثالث عشروها : ان لا يدع وقتا يمضي بغير فائده دينيه او دنيويه .
ورابع عشروها : معاشرة الناس بما يعرفون والاعراض عمّا ينكرون ، وحُسن الخُلق وكظم الغيظ والتواضع بهم ، وسؤال الله تعالى ان يصلحهم ويصلح لهم .
وملاك هذه الامور كلها تقوى الله ودوام مراقبته .
والسلام عليهم جميعآ والحمد لله وحده ، وصلى الله على محمد وآله أجمعين»